بسم الله الرحمن الرحيم
---------------------------------------------
( وقفات مع قصة لوط - عليه السلام - والمستفاد منها )
--------------------------------------------------------------------
لقد ابتدعوا قوم لوط - عليه السلام - فعلاً قبيحاً شاذاً شنيعاً لم يسبقهم اليه احد من الامم السابقة: فكان جزاؤهم من جنس عملهم اصنافاً من العذاب لم تقع على من سبقهم من الامم ... !
لقد احل الله بهم من البأس الذي لا يرد ما لم يكن في خلدهم وحسبانهم, وجعلهم مثلةً في العالمين, وعبرة يتعظ بها اصحاب العقول في كل زمان وحين.
انهم ما سمعوا بنزول ضيوف جدد في بيت لوط - عليه السلام - حتى اسرعوا مهرولين الى بيته طمعاً في ارتكاب الفاحشة الشنيعة معهم, ولكن هيهات هيهات, انهم لم يعرفوا من هم هؤلاء الذين عند لوط, انهم ملائكة خالق السماوات والارض, قد جاؤوا خصيصاً اليهم ليقطعوا دابرهم ويستأصلوهم من على وجه الارض. فلما اشرقت الشمس اخذتهم الصيحة وهي صوت قاصف. ونزل بهم العذاب الذي استحقوه, وتم استئصالهم وقطع دابرهم وشرورهم من الارض, وهذا ما طلبوه من نبيهم لوط ! .. ألم يقولوا له: ائتنا بعذاب الله ان كنتم من الصادقين ! .. فقد جاءهم عذاب الله فكيف رأوه .. ؟!.
هل تيقنوا الآن ان لوطاً كان صادقاً في انذارهم بعذاب الله, وانه كان يدعوهم الى ما فيه خيراً لهم في الدنيا والآخرة من الايمان بالله وترك هذه الفاحشة ؟! ولا بد انهم تيقنوا الآن ان ما ذاقوه في الدنيا من عذاب الله تعالى لم يكن سوى العذاب الادنى, وهو دائم عام استقر فيهم حتى يفضي بهم الى عذاب الآخرة.وانه لا يزال امامهم العذاب الاكبر والاعظم يوم القيامة, حيث سيكون مأواهم جهنم وبئس المصير خالدين فيها ابداً, يوم يسحبون النار على وجوههم فليذوقوا مس سقر, وليذوقوا العذاب بما كانوا يعملون .. !.
لم يكن في قرى المؤتفكة الا بيت مسلم واحد وهو بيت لوط - عليه السلام -, وكذلك الله سبحانه يجزي من يشكره ولا يكفره, قال عز شأنه: (( فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين (35) فما وجدنا فيها غير بيتٍ من المسلمين (36) وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الاليم )) سورة الذاريات, الايات 35 - 37. فالذي ن يخافون عذاب الله الاليم هم المؤمنون المسلمون, وما فعله الله بلوط وقومه دليل على نصره لعباده الصالحين, وعبرة وعظة لغيره من المؤمنين المسلمين, الذين يخافون عذاب الآخرة ويخشون الله بالغيب ويخافون مقامه وينهون النفس عن الهوى, فينزجرون عن محارم الله, ويتركون معاصيه, ويخافون ان يشابهوا قوم لوط.
وقد أخبر الله تعالى بأنه بعد هلاك قوم لوط قد ترك من قريتهم التي كانوا فيها ودمرها آيه بينة واضحة لمن كان لديه عقل يتفكر ويخاف العذاب الاليم, فقال تعالى: ((ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون)) سورة العنكبوت, الايه 35. فها هي ارضهم موجودة ظاهرة للعيان, حيث جعل الله تعالى اعلى قريتهم وما فيها في بطن الارض, وجعل اسفلها على سطح الارض, وجعل موضعها في ادنى بقعه على وجه الارض, وجعل مكانها بحيرة منتنة خبيثة ... !وان قرى المؤتفكة او سدوم التي اصابها ما اصابها من القلب والقذف للحجارة لفي طريق واضح ومكان معروف والناس يمرون من عندها ويأتون ويذهبون صباحاً ومساءاً, كما اخبر الله تعالى بذلك: (( وانكم لتمرون عليهم مصبحين (137) وبالليل افلا تعقلون )) سورة الصافات, الايتان 137- 138 وهذا ليكون الذي صنع الله بقوم لوط من الهلاك والدمار, وانجائه لوطاً واهله لآيه وعبرة, ليعلم الناس منها وليتذكروا ان هذا هو عقابه وهذا ما يستحقه من العذاب كل من ارتكب مثل هذه الفاحشة الشنيعة او سار على نهجهم في الشذوذ الجنسي, وما هذه العقوبه ببعيده ممن اشبههم في فعلهم, فبهذا يعاقب المسلمون المرتكب لهذا الفعل بأن يلقى من شاهق ويتبع بالحجارة كما فعل بقوم لوط. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به )) صحيح سنن ابي داود, رقم: 3745.
ان قوم لوط - عليه السلام - لم يتعظوا بما جرى لقوم نوج وأمة عاد وأمة ثمود وقوم ابراهيم والنمرود, كذلك لم يحملوا انذارات لوط ببطش الله على محمل الجد وتماروا فيها فذاقوا عذاب الله ونذره. وقد ذكر الله تعالى قصتهم في كتابه الكريم ويسر تلاوته, فهل من سيأتي بعد قوم لوط من الامم والاقوام سيتذكرونهم ويعتبرون بما فعله الله بهم فلا يكفرون كما كفروا, ولا يفجرون كما فجروا, ولا يرتكبون هذه الفاحشه كما ارتكبوا, ويتعظون بما حصل لهم من العذاب الاليم الشديد ؟! ...
كتبت هذا الموضوع لانني وجدت ممن شابه قوم لوط بفعلهم بوقتنا الحاضر .. واني لاخشى عليهم من العذاب ..
والله أعلم من وراء القصد ,,
تحياتي