الهدف الأول من مشروع "صناع الحياة" هو عمل نهضة حقيقية لإحياء بلاد المسلمين وإنقاذ شبابهم..أي أن هدف المشروع عملي وليس وعظاً قائماً على تحقيق أحلام الشباب وأمانيهم وأمالهم، ووضعها بشكل ممنهج وعلمي، والدعامة الأساسية للمشروع هي ضرورة تضافر جهود الشباب والحكومات المتعاونة للخروج بنتائج جيدة للمشروعات المطروحة، وأهمية تحويل الطاقة الموجودة في الإنسان إلى عمل إيجابي مفيد للمجتمع بدلاً من تسريب هذه الطاقة وتفريغها فيما لا يفيد..
فنحن نسعى إلى دفع النساء والرجال والشباب والأطفال والكبار إلى أن يكون لهم دور مؤثر فعال ومفيد في خدمة بلادهم وإسلامهم، وذلك كمساهمة في بناء نهضة الأمة العربية والإسلامية خلال الأعوام القادمة. ونجاح هذا المشروع له سنن ومعطيات وشبابنا يملكها بالفعل، وهي تكمن في منهج رباني لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وتاريخ يبعث الثقة والفخر في النفس، وإمكانيات مادية وموارد اقتصادية، بالإضافة لأهم شيء وهي الطاقات الشبابية، فالعالم العربي صاحب أعلى نسبة بين شعوب العالم من الشباب. وما ينقصنا شيئان فقط هما إرادة النجاح، والحاجة لإعادة برمجة العقل ليختار الثمين ويترك الغث ويستجيب للمتغيرات.
فك القيود بداية الطريق
والهدف الثاني الذي نسعى إليه من خلال مشروع "معاً نصنع الحياة" هو بث الأمل في نفوس الشباب ومحو أثار اليأس والإحباط، وذلك تأكيداً لقاعدة مهمة أقرها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: "إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً".
فإذا تبنى الإنسان فكرة وعاش من أجلها، وعمل مخلصاً جاهداً في الاتجاه الصحيح، باذلاً كل الجهد اللازم فلابد أن يحققها.
ثم يأتي دور تثبيت التدين المكتسب والبعد عن المعاصي، فالنفس إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالشر فالفراغ عدو الاستقامة اللدود، وصديق الفشل الحميم.
والنتيجة في هذه الحالة طريق واحد يؤدي إلى المعاصي، وهنا نجاح المرء أفضل من ألف درس وعظ لأن الناجح يحتاج لكل لحظة من وقته للاستمرار في النجاح ولا وقت لديه يضيعه في التفاهات التي تسوقه إلى المعاصي. وقد جاءت تسمية المشروع بهذا الاسم "صناع الحياة" من قول اله عز وجل لسيدنا موسى و"لتصنع على عيني" ثم قال له: "واصطنعتك لنفسي"..أي أن صناعة الإنسان من أهم وأرقى الوظائف التي ترتقي بالإنسان إلى مصاف الأنبياء والصالحين، وأما أي أنواع الصناعة التي تحقق ذلك فهي تلك الصناعة التي ترفع قدر الأمة وتعلي شأنها.
لماذا في هذا الوقت بالذات!!
وقد جاء اختيار مشروع صناع الحياة في هذا التوقيت بالذات بعد أن بلغ حال المسلمين قاع الحياة وذلك لأننا أخذنا إسلاماً منقوصاً، ولا أتصور أنه من الممكن أن يطوي حضارتنا ظلمة أكثر من تلك التي تلف كل القطاعات ففي عصور ازدهار حضارة الإسلام شهدت الدنيا مكانة علمائنا من أمثال ابن سينا التي أطلقت عليه أوروبا أمير الأطباء وأول من وضع أسس علوم الطب الحديث، وعباس بن فرناس الذي جمع أهل قرطبة ليشهدوا أنه حاول أن ينفذ من أقطار السماوات والأرض كما فهمها وقتها بالطيران والتحليق، بالإضافة لأبن خلدون مؤسس علم الأجتماع وأول من وضع قواعد دورة حياة الأمم وأثر الجغرافيا والمناخ على سلوكيات الأفراد..كان هؤلاء العلماء نتاجاً لنهضة المسلمين لاتخاذهم كافة السبل لهذه النهضة.
وأحب أن أؤكد أن الجمهور الرئيسي لمشروع صناع الحياة هو الشباب رصيد المستقبل في الوطن العربي، حيث يضم بين جوانبه أكثر من 38% من السكان تقل أعمارهم عن 14، وكذلك النساء لأنهن نصف المجتمع والذي يصنع النصف الآخر ويربيه وهم الآباء والأمهات المسئولون عن تربية الأبناء وصناعتهم، وهذا الدور منوط بكل إنسان على سطح هذا الكون..دور صناعة الحياة لا ينحصر أداؤه على الملتزم دينياً فقط بل هو رسالة الإنسان على الأرض..فأي إنسان عليه مسئولية المشاركة في تعمير الكون وهي جوهر مفهوم صناعة الحياة وكذلك غير المتدينين فصناعتهم تخلق نهضة قومية ورفعة شأن شخصية، ومن هنا لم يكن مشروع فرد ولكن مشروع أمة بأكملها وعليه تتوقف نهضتها والمشروع مقسم على عدة مراحل: الأولى تهتم بغرس قيم النجاح حيث الانتماء والمرجعية للإسلام، والشعور بالمسئولية، والايجابية، والجدية وبذل الجهد وإدراك قيمة الوقت، وتنمية العمق الثقافي، بالإضافة إلى الإتقان في العمل والمحافظة على الموارد، وتذوق الفن والجمال ويكلل هذا جميعا وجود وتحديد هدف في الحياة.
ثم تأتي المرحلة الأخرى وهي الإعداد للنجاح، وبناء الثقة بالنفس، حيث صناعة الإرادة، واكتشاف الموهبة والإبداع والابتكار والتفكير المنظم والسليم، مع إدراك قيمة العلم والعمل والمبادرة.
كذلك غرس اختيار المثل الأعلى لدى الشباب وتوضيح كيفية ترتيب الأولويات، وتنمية الذكاء الاجتماعي فنون الاتصال لديهم ومعاونتهم على مواجهة التحديات والصبر على المعوقات، بالإضافة لكيفية التخطيط..وذلك تحت شعار "معاً نصنع الحياة".